يقول أبو حامد الغزالي عن الطفل : قلبه الطاهر جوهرة نفسية ساذجة خالية من نفس وصورة، وهو إقبال لكل ما ينفس عليه ، ومائل إلى كل ما يمال إليه به ، فإن عوده الخير وعلمه فنشا عليه سعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب ، وإن عوده الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة وليه القيم عليه . وقد قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا . . . )) سورة التحريم ، الآية : 6
ثم يضع الإمام أبو حامد الغزالي عناصر لتربية الطفل ، فيقول رحمه الله :
1- يعلم قراءة القرآن الكريم وأمور الشرع وسيرة الأنبياء والصالحين عليهم السلام.
2- يعود على طاعة والديه وإكرامهما، وطاعة واحترام معلميه ومن هم أكبر منه سنا. .
3- يوجه طالب العلم جل عنايته وانتباهه إلى درسه ، فيبدأ بالأصول والأسس ، ويتبع مبدأ التدرج والانتقال من الأهم إلى المهم ، والتخصص في مادة والإلمام التام بالمواد الأخرى .
4- أن يحفظ الطفل من قرناء السوء؟ لأن الطباع والعادات تنتقل بالمحاكاة .
5- إذا قام الطفل بفعل حميد فالواجب أن يثنى عليه ويمدح علانية، أما إذا صدر منه فعل قبيح فيلام عليه بسر حتى لا يحط من قدره بين أقرانه ، لأن اعتياد الطفل على اللوم الكثير يقلل من اهتمامه واكتراثه به ، ويعود على التواضع وترك الخيلاء.
6- يعود على التجلد والصبر، فلا يبكي إذا ضربه المعلم ولا يلجأ إلى المراوغة والصراخ .
7- يمتنع عن الشتم والسب وهذر القول .
8- يعود الطفل على الخشونة في المأكل والمفرش ، ويحبب إليه القصد في المطعم .
9- يحذر الطفل ويخوف من ارتكاب المعاصي كالسرقة والخيانة والفحش والكسب الحرام
10- يسمح للولد باللعب والتريض بعد انصرافه من الكتاب ، وتحبب إليه الحركة الرياضية .
11- وجوب العناية بتربية الطفل منذ اليوم الأول من حياته ، وذلك لأن نفسه صافية بيضاء، فكل ما ينقش عليه يترك أثره . فالواجب أن تكون مرضعته امرأة صالحة ذات دين .
إن التربية الإسلامية لها أهمية كبرى، ويجب على الآباء تعليم أبنائهم وإرشادهم ، وهو التطبيق العملي من قول وفعل . فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يربي أبناء الصحابة - رضي الله عنهم -، يقول ابن أبي سلمة : ( كنت في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي : يا غلام سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك ).متفق عليه
ومن هذا الحديث نفهم :
1- استحباب التسمية .
2- مشروعية الأكل باليمين دون الشمال .
3- استحباب أكل المرء مما يليه .
4- استحباب أمر الصبي بالتسمية عند الأكل .
5- الهدوء واللين في النصيحة والإرشاد .
6- الإلتزام الصادق والطاعة ، والاستفادة بالتوجيه بالنصيحة والتمسك بها مدى الحياة .
هكذا كان يربي الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه ، ليكونوا لبنة صالحة في المجتمع الإسلامي ، فأخذ عليه الصلاة والسلام يربي الدوافع القطرية في الإنسان ويوجهها نحو الخير، فكانت ثمرة هذه الدعوة والتربية استحباب كثير من الناس - لاسيما الفتيان الشبان الذين ترتبوا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم - لدعوة الحق .